بين المطرقة والسندان

يواجه الصحفيون في المكسيك تهديدات من حكومة فاسدة وكارتيلات المخدّرات العنيفة، كما أنهم لا يمكنهم دائما الوثوق ببعض زملائهم الصحفيين، يكتب دنكان تاكر

This article is part of Eurozine partner journal Index on Censorship’s ‘Journalists’ Toolbox’ series, providing advice and knowledge from Index correspondents, in multiple languages, about their work:

Andrei Aliaksandrau describes how Belarusians have been dealing with ‘fake news’ for years.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

A Chechen journalist speaks out about the challenges of covering gay rights in Chechnya.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

Award-winning filmmaker Marco Salustro describes how he has reported on migrants held in Libya.
Read in: English, Spanish, Russian, Arabic

Mexico-based journalist Duncan Tucker writes about reporting in an atmosphere of violence.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

Luis Carlos Díaz reports from Caracas on how the Venezuelan media have responded to shortages of newsprint.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

Technology is helping investigative journalists across Africa, finds Raymond Joseph.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

Turkish journalist Canan Coşkun talks about her attitude to the dangers of life as a reporter in Turkey.
Read in: Spanish, Russian, Arabic


Browse more articles via
Index on Censorship’s Journalists’ Toolbox.

[Ed. note: We apologise for the incorrect alignment of the Arabic text on this page, which is due to a technical problem that we hope to resolve soon.]

 

“آمل أن لا ترضخ الحكومة إلى إغراء التسلّط فتحجب خدمة الانترنت وتبدء في اعتقال النشطاء ” يقول المدوّن والناشط المكسيكي ألبرتو ايسكورسيا لمجلة “اندكس أون سنسورشيب” (مؤشر الرقابة). كان إيسكورسيا قد تلقّى للتو سلسلة من التهديدات بعد كتابة مقال عن الاضطرابات الأخيرة في البلاد. في اليوم التالي، تصاعدت التهديدات ضده، فبدأ يخطّط للفرار من البلاد، بعد أن شعر أنه محاصر ولا يوجد من يحميه من الخطر.

يشعر كثيرون بالقلق إزاء حالة حرية التعبير في المكسيك. فالركود الاقتصادي، وانهيار قيمة العملة الوطنية، والحرب الدموية ضد تجّار المخدّرات التي لا يبدو أن لها نهاية في الأفق، ووجود رئيس لا يحظى بشعبية كبيرة في الداخل بالإضافة الى صعود إدارة دونالد ترامب العدائية مؤخرّا الى سدّة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، جارة المكسيك الى الشمال، كل هذا قد ولّد ضغوطات عديدة على البلاد في عام 2017.

Hundreds of journalists march in silence in 2010 as a protest against the kidnappings, murders and violence against journalists in Mexico. Source: John S. and James L. Knight / Flickr

يظل أحد أكبر مصادر التوّتر في المكسيك هو رئيس البلاد. فلقد جلبت السنوات الأربعة التي أمضاها إنريكه بينيا نييتو في منصبه تباطؤا في النمو الاقتصادي، وتصاعدا في العنف، وسلسلة من الفضائح المتعلّقة بالفساد. في يناير/ كانون الثاني من هذا العام، انزلق مستوى التأييد له إلى 12 نقطة مئوية فقط.

ولكن عندما حاول الصحفيون تغطية أخبار الرئيس ومفاعيل سياساته، تمت مواجهتهم بالقمع والترهيب. ففي بداية عام 2017، اندلعت احتجاجات واسعة بعد إعلان بينيا نييتو رفع سعر البنزين بنسبة 20 بالمئة. خلّفت المظاهرات التي استمرّت عدّة أيام، والتي تخلّلها مواجهات مع الشرطة وأعمال نهب وقطع الطرقات ما لا يقل عن ستة قتلى وأكثر من 1500 معتقل. وذكرت لجنة حماية الصحفيين أن الشرطة ضربت أو هددت أواعتقلت لفترة وجيزة ما لا يقل عن 19 صحفيا، كانوا يقومون بتغطية الاضطرابات في ولايات الشمال، مثل كواويلا وباخا كاليفورنيا.

في خضم هذه الأحداث، لم يتم حجب الأخبار فحسب، بل تم أيضا تلفيقها وفبركتها. انتشرت الهستيريا الجماعية في مدينة مكسيكو، فيما قامت أعداد هائلة من البوتات والحسابات المزيّفة على تويتر بالتحريض على العنف ونشر تقارير كاذبة عن مزيد من أعمال النهب، مما تسبب في إغلاق ما يقرب من 20 ألف من الشركات والمحلّات الصغيرة، وإن بشكل مؤقت.

“لم أر مدينة مكسيكو في مثل هذه الحالة، في حياتي”، يقول ايسكورسيا عبر الهاتف من منزله في العاصمة. “عدد قوّات الشرطة كان أكثر من المعتاد. كانت هناك طائرات هليكوبتر تحلق فوقنا كل ساعة وكان يمكنك سماع صفارات الانذار باستمرار. على الرغم من أنه لم تكن هناك أية أعمال نهب في هذا الجزء من المدينة، فان الناس كانوا يعتقدون بأنها تحدث في كل مكان “.

قام إيسكورسيا، بالتحقيق في استخدام بوتات التويتر في المكسيك على مدى السنوات السبع الماضية، وهو يرى أنه تم استعمال عددا من حسابات تويتر الوهمية لنشر الخوف ولتشويه صورة الاحتجاجات المشروعة ضد رفع أسعار البنزين والفساد الحكومي. فلقد حدّد ما لا يقل عن 485 حسابا وهميا قامت بتحريض الناس مرارا وتكرارا على “نهب أحد أفرع سوبرماركت وول مارت”، باستخدام وسم خاص.

“في البدء، تدعوا (الحسابات الوهمية) الناس لنهب المحلّات التجارية، ثم تطالب بأن يعاقب اللصوص وتدعوا الى نشر الجيش”، يوضح إيسكورسيا. ويضيف: “هذه قضية حساسة جدّا لأنها يمكن أن تؤدي إلى دعوات لفرض رقابة على الإنترنت أو اعتقال الناشطين”، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية قد سبق وأن حاولت ولكن فشلت بتمرير تشريعات لحجب خدمة الإنترنت خلال “الأحداث التي تشكّل خطرا على الشعب أو الأمن القومي”.

بعد أيام من انتشار وسم “إنهب وول مارت”، كشف بينيتو رودريجيز، وهو هاكر مقيم في اسبانيا، لجريدة الفينانسيرو بأنه كان قد تلقّى أموالا لقاء استعمال مهاراته لنشر الوسم على شبكة الانترنت. وقال رودريجيز انه يعمل أحيانا لصالح الحكومة المكسيكية واعترف بأن الحكومة المكسيكية “ربما” كانت أحد الأطراف التي دفعت له لقاء التحريض على النهب.

لقد حامت الشبهات منذ وقت طويل حول إدارة بينيا نييتو بما يتعلّق باستخدام البوتات والحسابات الوهمية لأغراض سياسية. في مقابلة مع بلومبرغ في العام الماضي، كشف الهاكر الكولومبي أندريس سيبولفيدا أنه تلقى أموالا لقاء العمل على التأثير على نتيجة تسعة انتخابات رئاسية عبر أمريكا اللاتينية منذ عام 2005 والتي شملت انتخابات المكسيك عام 2012، حيث ادّعى ان فريق عمل بينيا نييتو كان قد دفع له لاختراق اتصالات مرشحيّن هما من أشد منافسي بينيا نييتو وقيادة جيش من 30 ألف من بوتات التويتر للتلاعب بالمواضيع الأكثر تداولا ومهاجمة المرّشحين الآخرين.  اصدر مكتب الرئيس بينيا نييتو لاحقا بيانا نفى فيه وجود أي علاقة له مع سيبولفيدا.

يتعرّض الصحفيون المكسيكيون للتهديد من الكارتيلات العنيفة أيضا. أثناء قيامه بجمع المعلومات من أجل كتابه “ناركوبيريوديسمو” (الصحافة المتمحورة حول كارتيلات المخدّرات) فوجئ مؤسس صحيفة ريودوس، خافيير فالديز، بكم هو شائع أن تقوم الكارتيلات باختراق غرف الأخبار في الصحف المحلية وزرع جواسيس ومخبرين فيها.

وقال فالديز لإندكس “ان الصحافة الجادة والحفاظ على الأخلاقيات هي مسألة مهمة جدا في أوقات الصراع، ولكن للأسف نجد هناك صحفيين متورطين مع الناركوس”، في إشارة الى كارتيلات المخدّرات. “لقد جعل هذا عملنا أكثر تعقيدا، والآن علينا أن نحمي أنفسنا من السياسيين والناركوس وحتى الصحفيين الآخرين”.

يعرف فالديز تماما مخاطر تهديد الأقوياء المتنفّذين والعصابات المسيطرة. يقع مقر صحيفة ريودوس في سينالوا، وهي ولاية مضطربة حيث ينهض الاقتصاد على تجارة المخدرات. وأضاف “في عام 2009 القى شخص ما قنبلة يدوية على مكتب ريودوس، لكنها لم تسبب سوى أضرار مادية. وتلقّيت مكالمات هاتفية تأمرني بأن أتوقف عن التحقيق في بعض جرائم القتل أو في جرائم زعماء عصابات المخدرات. واضطررت الى حجب معلومات هامة من النشر لأنه كان من المحتمل بأن يقوموا بقتل عائلتي لو قمت بالإشارة اليها. وبالفعل فقد قتلت مصادر أعرفها أو تم خطفهم واخفائهم … الحكومة لم تكترث اطلاقا. إنها لا تفعل شيئا لحمايتك. لقد كان هناك الكثير من هذه الحالات وهي لا زالت تحدث “.

على الرغم من أن الصحفيين المكسيكيين يواجهون العديد من المشاكل المشتركة، يأسف فالديز لقلّة الشعور بالتضامن بينهم وضعف الدعم الذي يحظون به من المجتمع الأوسع. ويخشى فالديز بأن تتكثّف الضغوط على الصحفيين فيما تستعد المكسيك للانتخابات الرئاسية في العام القادم، في خضم أزمة اقتصادية مستمرّة، مما سيكون له عواقب خطيرة على البلاد كما يقول.

ويحذر فالديز بأن “المخاطر التي تواجه المجتمع والديمقراطية هي خطيرة للغاية.” ويضيف: “للصحافة تأثير كبير على العملية الديمقراطية والوعي الاجتماعي، ولكن عندما نعمل تحت كم هائل من التهديدات فلا يكون عملنا أبدا على الوجه الأكمل المطلوب”.

يقول فالديز أنه اذا لم يحدث تغيير جذري، فستواجه المكسيك والصحفيون فيها مستقبلا مظلما، وأضاف: “لا أرى المجتمع يتعاضد مع الصحفيين أو يحميهم. في ريودوس لا نتلقى أي دعم من قبل أصحاب الأعمال لتمويل المشاريع. إذا أفلسنا وأغلقنا أبوابنا فإن أحدا لن يفعل أي شيء [للمساعدة]. ليس لدينا حلفاء. نحن بحاجة إلى مزيد من الدعايات والاشتراكات والدعم المعنوي ولكننا الآن متروكون لوحدنا.ولن نستطيع أن نستمر لفترة طويلة في هذه الظروف.”

يتشارك إسكورسيا، الذي يواجه حالة صعبة مماثلة، هذا الشعور بالخطر الداهم، ولكنه قرّر التحدّي. بعد التهديدات الأخيرة الموّجهّة ضده، كتب على حسابه على تويتر: “هذا هو بلدنا، ووطننا، ومستقبلنا، وفقط من خلال بناء الشبكات يمكننا الحفاظ عليه. قول الحقيقة، وتوحيد الناس، وخلق وسائل إعلامية جديدة ودعم تلك منها القائمة، ونشر ما يريدون التكتّم عليه، هذه هي الطريقة الحقيقية التي يمكننا أن نساعد من خلالها. “

 

يمكنكم الاستماع إلى مقابلة مع دنكان تاكر من خلال بودكاست “اندكس أون سنسورشيب” (مؤشر الرقابة) على سوندكلود،  soundcloud.com/indexmagazine

Published 23 January 2018
Original in English
Translated by Karim Traboulsi
First published by Index on Censorship (Spring 2017)

Contributed by Index on Censorship © Duncan Tucker / Index on Censorship / Eurozine

PDF/PRINT

Read in: ES / RU / AR

Published in

Share article

Newsletter

Subscribe to know what’s worth thinking about.

Related Articles

Cover for: Freedom of speech under duress in Belarus, Poland and Ukraine

Poland is descending on a path toward more and more authoritarian tactics to curb independent journalism, while Belarus has long been enduring direct repression, especially since last year’s revolution. In Ukraine, however, the majority of mainstream media is owned by oligarchs, and public service is trying to gain ground to balance them out.

Cover for: When all hope is lost, why not be optimistic?

When all hope is lost, why not be optimistic?

Research and education in Hungary and Germany

The rapid dismay of Hungarian universities has upset international observers recently. However, the illiberal vanguard state doesn’t hold a monopoly on academic pressure. In this conversation, Hungarian critic Anna Gács and German historian Barbara Stollberg-Rilinger discuss political interventions, cancelling and more.

Discussion