مطاردة الورق

لقد أجبر النقص في الورق الصحف المطبوعة في فنزويلا على الإغلاق ، ولكن وسائل الإعلام عبر الإنترنت تتوسع بسرعة لملء الثغرات واطلاع الجمهور على آخر الأخبار.

[Ed. note: We apologise for the incorrect alignment of the Arabic text on this page, which is due to a technical problem that we hope to resolve soon.]

This article is part of Eurozine partner journal Index on Censorship’s ‘Journalists’ Toolbox’ series, providing advice and knowledge from Index correspondents, in multiple languages, about their work:

Andrei Aliaksandrau describes how Belarusians have been dealing with ‘fake news’ for years.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

A Chechen journalist speaks out about the challenges of covering gay rights in Chechnya.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

Award-winning filmmaker Marco Salustro describes how he has reported on migrants held in Libya.
Read in: English, Spanish, Russian, Arabic

Mexico-based journalist Duncan Tucker writes about reporting in an atmosphere of violence.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

Luis Carlos Díaz reports from Caracas on how the Venezuelan media have responded to shortages of newsprint.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

Technology is helping investigative journalists across Africa, finds Raymond Joseph.
Read in: Spanish, Russian, Arabic

Turkish journalist Canan Coşkun talks about her attitude to the dangers of life as a reporter in Turkey.
Read in: Spanish, Russian, Arabic


Browse more articles via
Index on Censorship’s Journalists’ Toolbox.

في مايو، أعلنت “الإيمبولسو”، وهي صحيفة فنزويلية عمرها أكثر من 110 سنة ، أعلنت إغلاقها، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تفعل ذلك. كان هناك بيان مماثل في يناير، وآخر في فبراير. في كل مرة ، كان الصحفيون يعملون بجد، ويصمّمون الصفحات وكان هناك الكثير من الأخبار. لكن شيء واحد منع المطابع من العمل: لم يكن هناك أي ورق! فلقد عانت فنزويلا من نقص الورق خلال العامين الماضيين، وفي عام 2013 ، توقفت 10 صحف مطبوعة عن العمل. بعضها قرّر تصغير حجم الصحيفة لتوفير الورق. الآن، فان الأخبار الرقمية تضطلع بمهمتها.

اضطرت العديد من الصحف إلى إعادة تقييم خططها. تحوّلت صحيفة “ايل كورّيو ديل كاروني” من 32 صفحة إلى ثماني صفحات. خفضت “ال ناسيونال” تغطيتها الإخبارية ، وأغلقت أقسام الثقافة، والرياضة ، والمجلات، والملحقات الأدبية. حتى أن “دياريو فيا” الموالية للحكومة أعلنت عدة مرات أنها على شفير الانهيار (على الرغم من أنه تم انقاذها من الاغلاق في وقت لاحق).

لقد أصبح الإنترنت المكان الذي تتدفق فيه المعلومات من جميع أنحاء البلاد بحرية وتلقائية. لكن في فنزويلا – البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 29 مليون نسمة – يصل الإنترنت إلى 54٪ فقط من السكان، ومع ذلك هناك نمو كبيرً في رواد الأعمال الرقميين حيث يحاول الناس جذب مستخدمين جدد.

وتشمل المواقع الجديدة “بوديروبيديا”، الذي أطلق في يونيو من قبل صحافي مستاء للتحقيق في الصلات بين السياسيين ورجال الأعمال والمسؤولين العسكريين.

Source: Flickr/Beatrice Murch

وقررت مجلة “سيك”، أقدم مجلة في البلاد، والتي يديرها مركز سياسي يسوعي في كاراكاس، أن تطبع على الرغم من عدم ربحيتها هذا العام فيما تعمل على استراتيجية لرقمنة محتواها. كما تواجه المجلة تحدي اقناع مشتركيها (متوسط عمرهم يبلغ ٥٦ عاما) بقراءتها عبر الإنترنت. ان الاختلاف الرئيسي بين المشهد الإعلامي الفنزويلي وبقية العالم هو أنه عندما يتحدث الناس عن نهاية الصحافة المطبوعة في مكان آخر، فإنه عادة ما يكون نقاشًا حول التغيير التكنولوجي، لكن في فنزويلا، فالأمر مختلف حيث الهجرة إلى المنصات الرقمية هي وسيلة لتخطّي أزمة نقص الورق.

قامت أندياريوس، وهي مؤسسة إعلامية غير هادفة للربح من كولومبيا، بإنقاذ “الإيمبولسو”، من خلال تسليم شحنة من الورق. يقول كارلوس إدواردو كارمونا ، رئيس الصحيفة، “سمح لنا هذا بالطباعة لشهر آخر… نحن لا نزال نعيش يوما بيوم. مديرو التحرير يشعرون بأنهم رجال إطفاء هنا ، يحاولون باستمرار السيطرة على حالات الطوارئ.”

التضخم في فنزويلا قاس للغاية (60٪ بسحب الأرقام الرسمية في 2013). لكن في الفترة بين يونيو 2013 ويناير 2014 ، ارتفعت تكلفة الطباعة في فنزويلا بنسبة 460 في المائة! فنقص الورق هو واحدة من المشاكل العديدة الفريدة من نوعها في فنزويلا. فالاقتصاد المعتمد على النفط قام ببناء دولة تعاني من ضعف مزمن حيث عدد قليل من السلع ينتج محليًا. يتم استيراد كل شيء تقريبا – بما في ذلك الأدوية والأغذية الأساسية وقطع غيار السيارات. ولا يمكن شراء هذه المنتجات بحرية في السوق الدولية. فجميع عمليات الشراء يجب أن تمر عبر الدولة – الأمر الذي يخلق نظامًا معقدًا للغاية يؤدي إلى حدوث نقص في المواد الأساسية.

في عام 2003، قام الرئيس السابق هوغو شافيز بإصدار قانون بشأن العملات الأجنبية، مما يعني أن الحكومة وحدها هي التي تستطيع إدارة شراء وبيع الدولارات. لدى الحكومة أيضاً قائمة بالسلع ذات الأولوية التي ستمنح الدولارات من أجلها. ولكن في أغسطس 2012 ، قررت إزالة الورق من القائمة، مما زاد من التكاليف والإجراءات المعقدة لأي شخص يحاول استيرادها.

لم تشعر الصحف بتأثير هذا القرار الا بعد مرورعام بعد ذلك، عندما استنفدت امدادات الورق وتصدر النقص في ورق التواليت في البلاد عناوين الصحف الدولية. بيد أن الأضرار التي لحقت بصناعة الصحف كانت طويلة الأمد. خفضت الصحف الكبرى في البلاد عدد صفحاتها على مدى الأشهر الستة التالية ، وتخلصت من أقسام وملحقات بأكملها.

على الرغم من أن الأزمة بدأت بالفعل مع قرار الحكومة عام 2012، إلا أنها تفاقمت بعد سلسلة من الاحتجاجات التي بدأت في فبراير 2014 عندما تحولت سلسلة من المظاهرات الشبابية التي كانت تطالب باستقالة الحكومة لى اشتباكات عنيفة، قتل فيها 42 شخصًا و تم القبض على أكثر من 3000. في الأسابيع التي سبقت الاحتجاجات، كانت هناك مظاهرات من قبل الصحفيين وطلاب الصحافة في كاراكاس ، وباركيسيميتو و سيوداد غيوانا، مصحوبة بحملة في وسائل الاعلام الاجتماعية. وقد قدّر تحالف بلانك دي برنسا ، وهو تحالف للمحررين، أن الصحف كانت مدينة بما لا يقل عن 15 مليون دولار أمريكي للموردين.

ردت الحكومة باحتكار عملية شراء الورق، قبل يوم واحد من الاحتجاج الرئيسي. ونتيجة لذلك، يوجد الآن كيان واحد فقط مصرح له بشراء الورق من الخارج – وتعتمد جميع الصحف والمطبوعات في البلاد عليه للحصول على إمداداتها. يقول كارمونا ، من الإيمبولسو، إن مورد الورق في الدولة لا يفي سوى بنصف احتياجاتهم من الورق. على عكس الصحف الأخرى ، لم يتعرض لضغوط لتغيير موقفه التحريري بعد، لكن حجم الصحيفة قد تقلص، من 48 صفحة إلى 12 أو 16. “لا نريد أن نغلق أبوابنا، لكننا لا نريد أن نكون جزءا من وسائل الإعلام الضعيفة ذات الوجود المحدود. لم يعد لدينا مساحة للتغطية الصحفية، فلقد قمنا بتقليص الأخبار، وخفض حجم الخط وتباعد الخطوط ، ولدينا صور أقل، والأخبار هي بجودة برقية سيئة. ولكن على الأقل لا زلنا نطبع.”

تكشف الإحصاءات الرسمية عن المشتريات بالدولار في الفترة من يناير إلى أبريل 2014 أنه تمت الموافقة على 7.41 مليون دولار أمريكي للورق لوسائل الإعلام. لكن 85 في المائة من هذا المبلغ (6.3 مليون دولار) تم تخصيصه لشركة “أولتيماس نوتيسياس”، وهي الصحيفة الأوسع توزيعا في البلاد ، والتي تم شراؤها في عام 2013 من قبل متمولين مرتبطين بالحكومة. بعد هذا الاستحواذ، تغيرت الصحيفة في موقفها التحريري لمصلحة خط الحكومة.

منذ ذلك الحين ، توقف العديد من الصحفيين الرئيسيين فيها عن العمل احتجاجًا أو تم طردهم. ميغيل هنريك أوتيرو هو رئيس تحرير صحيفة “ال ناسيونال” ، وهي حالياً الصحيفة الوحيدة المعارضة في كاراكاس ، بعد أن تم بيع “إل يونيفرسال” في يوليو. ويقول: “إن الحكومة تعرف تماما ما هي احتياجات الصحف. فهي تعرف أنها وافقت على توفير العملة لشراء الورق ، ومع ذلك فهي لا تدفع لأسباب غير معروفة ، ونفترض أنها سياسية. كل ما يحتاجون إليه هو شراء وسيلة اعلامية، لكي تنحني لهم، ثم يبدأ تدفق المال فجأة”.

وتعتقد مارياينغراسيا تشيرينوس، الباحثة في مجال الاتصالات وعضو في معهد الصحافة والمجتمع الفنزويلي، أن نقص الورق يؤثر على القراء أكثر من الشركات: “تأتي المعلومات الآن بنصف الحجم. يجب اللجوء إلى مساحات أخرى والى النشر الذاتي ، وهو أمر جيد في بعض الأحيان ، ولكن عندما يكون ردا على القيود ، فانه يمكن له ان يؤثر أيضا على قدرة المواطن على اختيار المكان الذي يحصل منه على معلوماته. ”

ظل الاستقطاب قوياً في فنزويلا منذ الانقلاب العسكري عام 2002 ، لكن الانتخابات الأخيرة في عام 2013 ، بعد وفاة الزعيم المثير للانقسام هوغو تشافيز، زادت من إحباط الناشطين المعارضين بعد أن شككوا في النتيجة (كان هامش النصر لنيكولاس مادورو فقط 1.49 في المائة). يقول فرناندو جولياني، عالم النفس الاجتماعي: “الاستقطاب قوي لدرجة أن وسائل الإعلام الحكومية لا تملك أي مجال لتغطية قضايا المعارضة، سواء في الأخبار أو في الرأي. لقد كسرنا الجسور بيننا والآن لا يوجد مجال للحوار”.

ما تحتاجه فنزويلا هو إنشاء قنوات معلومات موثوق بها لكي تنجح في استقطاب الاهتمام العام. بالنسبة للإعلام الفنزويلي، يتعلق الأمر بعدد القراء أكثر من جودة المحتوى، لأن التكاليف مرتفعة للغاية. واليوم ترك المستخدمون الرقميون في البلاد يتفقدون المشهد الإعلامي المعقد بمفردهم، بحث يكتشفون دون توجيه كيفية ايجاد المعلومات عبر تسلسل هرمي معقد من الشبكات. ما بين أيدينا ليس كافيًا لمعرفة كل ما يجري، ولكنه يمكّن المواطنين من اتخاذ خيارات بأنفسهم.

كيف يعمل اقتصاد فنزويلا

 كان الرئيس السابق هوغو شافيز قد أصدر قانونًا يضبط صرف العملات في عام 2003 ، وهو ما يعني أن الحكومة وحدها هي التي تستطيع إدارة عمليات بيع وشراء الدولارات لأنها تأتي من صناعة النفط المملوكة للدولة. كان الهدف من القانون تجنب هروب رؤوس الأموال والتحكم في أسعار المواد الغذائية الأساسية. لكن بالحفاظ على الدولارات بسعر مدعوم ، يكون من الأرخص استيراد المنتجات بدلاً من إنتاجها في البلاد. يوجد حاليا في فنزويلا أربعة أسعار صرف: تاسا سينسويكس عند 6،30 بوليفار مقابل الدولار (لواردات الدولة فقط) ؛ تاسا سيكاد عند ١٠ بوليفار مقابل الدولار (المبيعات التي تتحكم بها الدولة لصالح الشركات)، وتاسا سيكاد ٢ عند٥٠ بوليفار مقابل الدولار (المبيعات التي تتحكم بها الدولة لصالح المواطنين) وسعر السوق السوداء ، من 65 إلى 80 بوليفار مقابل الدولار – وهو معدل غير رسمي وغير قانوني ، ومع ذلك فهو شائع في الشوارع. حاولت الدولة تركيز جميع المتغيرات الاقتصادية بيدها ، لكن هذا لم يسر على ما يرام.

 

*ظهر هذا المقال أولا في مجلّة “اندكس أون سنسورشيب” عدد ١٦ سبتمبر ٢٠١٤

This article was originally published in Index on Censorship magazine on 16 September 2014 

 

Published 24 July 2018
Original in English
Translated by Karim Traboulsi
First published by Index on Censorship (Autumn 2014) (English version)

© Carlos Díaz / Index on Censorship / Eurozine

PDF/PRINT

Read in: ES / RU / AR

Published in

Share article

Newsletter

Subscribe to know what’s worth thinking about.

Discussion